الجمعة، 9 ديسمبر 2011

التعلم باستخدام استراتيجيات العصف الذهني- ساره ناصر الدوسري


التعلم باستخدام استراتيجيات العصف الذهني
مقدمــة :
        إن معظم الإنجازات العلمية والتكنولوجية التي حققتها البشرية في القرن العشرين هي نتاجات أفكار المبدعين. ولكن العلم في الماضي كان يصمم لعالم مستقر، أما الآن فإن مجتمعنا يعيش في عالم سريع التغير تحيطه تحديات محلية وعالمية لعل من أهمها الانفجار المعرفي والتطور التكنولوجي والانفتاح على العالم نتيجة سرعة الاتصالات والمواصلات حتى أصبح العالم (قرية صغيرة)… كل ذلك يحتاج منا السرعة في تنمية عقليات مفكرة قادرة على حل المشكلات.
      وتعتبر تنمية هذه العقليات المفكرة مسؤولية كل مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسات التعليمية. فمن المعلوم أن تنمية تفكير الفرد يمكن أن تتم من خلال المناهج الدراسية المختلفة داخل المؤسسات التعليمية، و المناهج باختلافها تساهم في تنمية التفكير والقدرة على حل المشكلات لدى الطلاب وتسهم في زيادة قدراتهم في أنواع التفكير المختلفة إذا توفر لتدريسها الإمكانات اللازمة.
          حيث أوضحت العديد من الندوات والمؤتمرات (ندوة الإبداع وتطوير كليات التربية- مايو 1995 ، ندوة دور المدرسة و الأسرة والمجتمع في تنمية الابتكار- مارس 1996 ،المؤتمر العالمي السابع للتفكير- يونيو 1997 ،مؤتمر مناهج التعليم وتنمية التفكير-يوليو 2000 ) في كثير من الدراسات والأبحاث المقدمة بها ومن خلال توصياتها دور المعلم كمحور أساسي في تنمية التفكير الإبداعي لدى الطلاب ونادت بتغيير وتطوير برامج إعداده بكليات التربية على النحو الذي يؤهله للقيام بهذا الدور.
                   كما ظهر الاهتمام واضحاً بتنمية القدرات الإبداعية لدى الطلاب من خلال برامج موجهة واستراتيجيات تدريس مختلفة مثل: التعلم التعاوني – الألعاب والألغاز – الأنشطة الإثرائية – التعلم بالاكتشاف – أسلوب العصف الذهني – حل المشكلات – دورة التعلم – الاستقصاء – الأنشطة المفتوحة – الاختيار الحر… وغيرها.
تعريف التفكير الإبداعي :Creative Thinking
          يرى (جوردن 1995 Gordon ) أن "الإبداع  Creativity هو الموهبة للإنتاج ويحدث التغيير القوي والمفيد في حل أقوى المشكلات".
ويرى(محمد المفتي 1995) أن الإبداع" هو عملية لها مراحل متتابعة تهدف إلى نتاج يتمثل في إصدار حلول متعددة تتسم بالتنوع والجدة وذلك في ظل مناخ داعم يسود الاتساق والتآلف بين مكوناته".
ويرتبط التفكير الإبداعي ارتباطاً وثيقاً بالإبداع ، ولكن الإبداع يصف الناتج، أما التفكير الإبداعي فيصف العمليات نفسها (دي بونو 1977 ).
وعلى ذلك يعرف ( منير كامل 1996) التفكير الإبداعي بأنه "الأسلوب الذي يستخدمه الفرد في إنتاج أكبر عدد ممكن من الأفكار حول المشكلة التي يتعرض لها (الطلاقة الفكرية)، وتتصف هذه الأفكار بالتنوع والاختلاف (المرونة) وعدم التكرار أو الشيوع (الأصالة) " .
ويعرف(فتحي جروان 1999) التفكير الإبداعي بأنه" نشاط عقلي مركب وهادف توجهه رغبة قوية في البحث عن حلول أو التوصل إلي نواتج أصيلة لم تكن معروفة سابقاً. ويتميز التفكير الإبداعي بالشمولية والتعقيد - فهو من المستوى الأعلى المعقد من التفكير -لأنه ينطوي على عناصر معرفية وانفعالية وأخلاقية متداخلة تشكل حالة ذهنية فريدة ".
ويرى بعض الباحثين أمثال: [ أوسبورن 1991 Osborn، جوردن 1995 Jordan، فريمان 1996 Freeman ] أن عملية التفكير الإبداعي تتم خلال أربع مراحل متتالية هي:
1)                  1)        مرحلة التحضير أو الإعداد : Preparation وهي الخلفية الشاملة والمتعمقة في الموضوع الذي يبدع فيه الفرد وفسرها (جوردن Gordon) بأنها مرحلة الإعداد المعرفي والتفاعل معه.
2)        2)        مرحلة الكمون والاحتضان : Incubation وهي حالة من القلق والخوف اللاشعوري والتردد بالقيام بالعمل والبحث عن الحلول، وهي أصعب مراحل التفكير الإبداعي.
3)        3)        مرحلة الإشراق : Illumination وهي الحالة التي تحدث بها الومضة أو الشرارة التي تؤدي إلى فكرة الحل والخروج من المأزق، وهذه الحالة لا يمكن تحديدها مسبقاً فهي تحدث في وقت ما، في مكان ما، وربما تلعب الظروف المكانية والزمانية والبيئة المحيطة دوراً في تحريك هذه الحالة، ووصفها الكثيرون بلحظة الإلهام.
4)        4)        مرحلة التحقيق : Verification وهي مرحلة الحصول على النتائج الأصلية المفيدة والمرضية، وحيازة المنتج الإبداعي على الرضى الاجتماعي.
أي أن الإبداع هو إنتاج الجديد النادر المختلف المفيد فكراً أو عملاً وهو بذلك يعتمد على الإنجاز الملموس.

التفاكر (العصف الذهني) : Brain Storming     
ويقصد به توليد وإنتاج أفكار وآراء إبداعية من الأفراد والمجموعات لحل مشكلة معينة، وتكون هذه الأفكار والآراء جيدة ومفيدة . أي وضع الذهن في حالة من الإثارة والجاهزية للتفكير في كل الاتجاهات لتوليد أكبر قدر من الأفكار حول المشكلة أو الموضوع المطروح ، بحيث يتاح للفرد جو من الحرية يسمح بظهور كل الآراء والأفكار .
أما عن أصل كلمة عصف ذهني ( حفز أو إثارة أو إمطار للعقل ) فإنها تقوم على تصور "حل المشكلة" على أنه موقف به طرفان يتحدى أحدهما الأخر ، العقل البشري(المخ) من جانب والمشكلة التي تتطلب الحل من جانب آخر. ولابد للعقل من الالتفاف حول المشكلة والنظر إليها من أكثر من جانب ، ومحاولة تطويقها واقتحامها بكل الحيل الممكنة .أما هذه الحيل فتتمثل في الأفكار التي تتولد بنشاط وسرعة تشبه العاصفة (أوسبورن  1963 Osborn عن: على سليمان 1999)  وهناك أربع قواعد أساسية للتفاكر ذكرها (أوسبورن1963 Osborn  عن: عبد الله الصافي 1997 ) هي:
1)        1)        النقد المؤجل: وهذا يعني أن الحكم المضاد للأفكار يجب أن يؤجل حتى وقت لاحق حتى لا نكبت أفكار الآخرين وندعهم يعبرون عنها ويشعرون بالحرية لكي يعبروا عن أحاسيسهم وأفكارهم بدون تقييم.
2)                  2)                  الترحيب بالانطلاق الحر: فكلما كانت الأفكار أشمل وأوسع كان هذا أفضل.
3)                  3)                  الكم مطلوب: كلما ازداد عدد الأفكار ارتفع رصيد الأفكار المفيدة.
4)        4)        التركيب والتطوير عاملان يكون السعي لإحرازهما: فالمشتركون بالإضافة إلى مساهمتهم في أفكار خاصة بهم يخمنون الطرق التي يمكنهم بها تحويل أفكار الآخرين إلى أفكار أكثر جودة أو كيفية إدماج فكرتين أو أكثر في فكرة أخرى أفضل.
          ويرى (ديفيز 1986 Davis) أن عملية التفاكر(العصف الذهني) هامة لتنمية التفكير الإبداعي وحل المشكلات لدى الطلاب للأسباب التالية:
1)                  1)        للتفاكر جاذبية بدهية (حدسية): حيث إن الحكم المؤجل للتفاكر ينتج المناخ الإبداعي الأساسي عندما لا يوجد نقد أو تدخل مما يخلق مناخاً حراً للجاذبية البدهية بدرجة كبيرة.
2)                  2)                  التفاكر عملية بسيطة: لأنه لا توجد قواعد خاصة تقيد إنتاج الفكرة ولا يوجد أي نوع من النقد أو التقييم.
3)        3)        التفاكر عملية مسلية: فعلى كل فرد أن يشارك في مناقشة الجماعة أو حل المشكلة جماعياً والفكرة هنا هي الاشتراك في الرأي أو المزج بين الأفكار الغريبة وتركيبها.
4)        4)        التفاكر عملية علاجية: كل فرد من الأفراد المشاركين في المناقشة تكون له حرية الكلام دون أن يقوم أي فرد برفض رأيه أو فكرته أو حله للمشكلة.
5)                  5)                  التفاكر عملية تدريبية: فهي طريقة هامة لاستثارة الخيال والمرونة والتدريب على التفكير الإبداعي.
ويرى (محمد المفتي 2000) أنه من المستحيل الآن أن تظل عملية التفكير وحل المشكلات واستشراف المستقبل عملية يقوم بها مفكر بمفرده مهما كانت قدرته أو شموليته في العلم ، وأصبح من المحتم أن تقوم بهذه العملية مجموعة من المفكرين في تخصصات متنوعة تعمل عقلها الجماعي في"إنتاج الأفكار" و"إنتاج حلول متنوعة للمشكلة الواحدة"و"إنتاج البدائل لمواجهة التحديات المستقبلية"، وهذه المجموعات من المفكرين يمكن أن نطلق عليها "فرق التفكير"، ويمكن أن نطلق على التفكير الذي يمارس داخل هذه المجموعات :بالتفكير التعاوني" والذي أقترح له التعريف التالي: "إعمال العقل متظافراً مع غيره من العقول بأسلوب منهجي يتسم بالعلمية والموضوعية لإيجاد حلول متنوعة لمشكلات نتجت عن ظواهر طبيعية أو مجتمعية ،أو لاستشراق المستقبل ووضع بدائل لمواجهة تحدياته واحتمالاته " .
ويقترح( محمد المفتي 2000) أنه لكي ننمي التفكير التعاوني(الجماعي)لدي المتعلم بعد أن تعود عقله ولسنوات طويلة في إطار نظام تعليمي وممارسات مقصودة داخل حجرات الدراسة على التفكير الفردي(أو المنفرد). يجب الاتجاه إلي استخدام إستراتيجية التعلم التعاوني ،وإستراتيجية التعلم في مجموعات صغيرة، وحل المشكلات عن طريق إشراك مجموعات من الطلاب في التفكير،ووضع بدائل الحلول وتنفيذها ،وتقويم النتائج .
ويلاحظ أن ما أقترحه(محمد المفتي) يدخل تحت نطاق العصف الذهني . والذي يتطلب بدوره معلماً قادراً على إدارة عملية التفكير في مواقف العصف الذهني الأمر الذي يستلزم تدريب المعلمين أثناء الخدمة علي كيفية استخدام استراتيجية العصف الذهني ، وكذلك إعادة النظر في برامج إعداد المعلمين بكليات التربية وكليات المعلمين لتتوافق مع التوجهات الحديثة التي تطالب بتنمية التفكير الإبداعي والمهارات التدريسية اللازمة للمعلم لتنمية القدرات الإبداعية لدي طلابه .
 وقد أوضح (روشكا 1989 A. Rochka) ثلاث مراحل لعملية التفاكر هي:
             -  المرحلة الأولى : ويتم فيها توضيح المشكلة وتحليلها إلى عناصرها الأولية التي تنطوي عليها،تبويب هذه العناصر من أجل عرضها على المشاركين الذين يفضل أن تتراوح أعدادهم ما بين (10-12) فرداً، ثلاثة منهم على علاقة بالمشكلة موضوع التفاكر والآخرون بعيدوا الصلة عنها، ويفضل أن يختار المشاركون رئيساً للجلسة يدير الحوار ويكون قادراً على خلق الجو المناسب للحوار وإثارة الأفكار وتقديم المعلومات ويتسم بالفكاهة، كما يفضل أن يقوم أحد المشاركين بتسجيل كل ما يعرض في الجلسة دون ذكر أسماء ( مقرر الجلسة ) .
- المرحلة الثانية : ويتم فيها وضع تصور للحلول من خلال إدلاء الحاضرين بأكبر عدد ممكن                                   من الأفكار وتجميعها وإعادة بنائها (يتم العمل أولاً بشكل فردي ثم يقوم أفراد المجموعة بمناقشة المشكلة بشكل جماعي مستفيدين من الأفكار الفردية وصولاً إلى أفكار جماعية مشتركة) . وتبدأ هذه المرحلة بتذكير رئيس الجلسة للمشاركين بقواعد التفاكر وضرورة الالتزام بها وأهمية تجنب النقد وتقبل أية فكرة ومتابعتها.
-        -        المرحلة الثالثة : ويتم فيها تقديم الحلول واختيار أفضلها.

ويمكن صياغة هذه الخطوات لموقف (جلسة ) العصف الذهني في صورة إجرائية كالتالي :
1-     1-     تحديد ومناقشة المشكلة ( موضوع الجلسة) .
2-     2-     إعادة صياغة المشكلة ( موضوع الجلسة) .
3-     3-     تهيئة جو الإبداع والعصف الذهني.
4-     4-     البدء بعملية العصف الذهني .
5-     5-     إثارة المشاركين إذا ما نضب لديهم معين الأفكار .
6-    6-    مرحلة التقويم .

المراجع  :
·         فرق التفكير وحل المشكلات العالمية " ، مؤتمر مناهج التعليم وتنمية التفكير، الجمعية المصرية للمناهج وطرق التدريس ،جامعة عين شمس ،25-26 يوليو 2000 .
·           مراد وهبة ، منى أبو سنة ،أبحاث ندوة الإبداع وتطوير كليات التربية  من 6-8 مايو 1995 ، جامعة عين شمس ، مركز تطوير اللغة الإنجليزية ، 1996.
·           منير كامل ميخائيل ،ندوة التربية العلمية ومتطلبات التنمية  في القرن الحادي والعشرين ،مركز تطوير تدريس العلوم ، جامعة عين شمس ،4- 5 ديسمبر 1996.
·         ورقة توصيات ندوة دور المدرسة والأسرة والمجتمع في تنمية الابتكار، 25-28 مارس 1996، كلية التربية جامعة قطر، الدوحة، قطر، 1996.
·         وزارة المعارف السعودية، "تقرير عن المؤتمر العالمي السابع للتفكير – المنعقد في سنغافورة في المدة من 1-6 يونيو 1997" مجلة المعرفة، ع32، مارس 1998.
·                         Freeman, J., Encouraging Creativity in the Gifted paper presented in “The Region workshop”, Amm-an, Jordan, 1996.
·         Gordan, Rawland, “Instructional design and creativity: A response to Criticized”. Educational Technology, 1995.
·                                   Osborn, Alex,           Yaur Creative Power, Motorola University Press, Schaumburg, Illinois, 1991.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق